لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97807 مشاهدة print word pdf
line-top
شرح حديث المؤمن للمؤمن كالبنيان

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث عشر: عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه متفق عليه .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. قال -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه ؛ أي أدخل بعضها في بعض؛ بمعنى أن الأصابع يمسك بعضها بعضا، إذا أدخل البعض في البعض فيما بينها، فكذلك المؤمن للمؤمن يشد المؤمن أخاه كما أن البنيان يشد بعضه بعضا، أي اللبنات تتماسك بالطين الذي يجعل بينها أيا كانت تلك اللبنات، اللبنات من الطين، أو من البلوك ونحوه، فجعل الله تعالى بين المؤمنين مودة ورحمة وتعاطفا، فهذه المحبة تقتضي أن بعضهم يحب بعضا، وأن كلا منهم يحب الآخر، وأنهم يتساعدون ويتعاونون ويتماسكون، كما أن البنيان يمسك بعضه بعضا.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى هكذا مثلهم بالجسد الواحد، وفي بعض الروايات: كمثل الجسد الواحد أو كالإنسان إذا اشتكى عينه اشتكى كله وإذا اشتكى رأسه اشتكى كله فهكذا أيضا يحس بآلام إخوته؛ إذا عرف أن هناك أخ له قد تألم وتضرر؛ فإنه يحس بألمه، وكما أنه يسعى في تخفيف الألم عن أخيه، فكذلك أيضا يسعى في تخفيف الألم عن نفسه؛ يعني كما يسعى في تخفيف الألم عن ابنه وأبيه وأقاربه؛ فكذلك المسلمون جميعا.

line-bottom